الإخلاص لله عز وجل
أولها وأعظمها وأجلها وأفضلها: الإخلاص لله جل جلاله، فمن خرج من بيته إلى بيت من بيوت الله فيخرج وليس في قلبه إلا الله، لا يخرج رياءً ولا سمعة ولا من أجل ثناء الناس: (فمن راءى راءى الله به ومن سمّع سمّع الله به) ولقد عتب الله على أقوام إذا قاموا إلى الصلاة قاموا وهم كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلاً، عتب الله على هؤلاء وذكر أن مصيرهم إلى الدرك الأسفل من النار وساءت مصيراً، نسأل الله بعزته وجلاله أن يعافينا من الرياء وأن يحفظنا منه.
فليحرص المسلم على أن يخرج إلى بيت الله مخلصاً لوجه الله جل جلاله، ولا ينتظر من أحد أن يمدحه أو يثني عليه؛ ولذلك كان بعض العلماء يقول: لا يبلغ العبد درجة الإخلاص حتى يتمنى أن صلاته وعبادته بينه وبين الله لا تراها عين ولا تسمع بها أذن، وهذا من أبلغ ما يكون من الإخلاص لله جل جلاله، فيبتعد عن البروز أمام الناس واختيار أماكن خاصة حتى يراه الناس ويثنون عليه بأنه قائم أو أنه العابد لا. وكان إبراهيم النخعيرحمه الله لا يجلس تحت سارية معينة خوفاً من الشهرة رحمه الله برحمته الواسعة، كانوا يخافون الرياء وثناء الناس ومدحهم، فمن مدحه الناس وأثنوا عليه في وجهه فبالغوا في ثنائه قطعوا عنقه -نسأل الله السلامة والعافية- لأن الإنسان لا يأمن أن تزل قدمه بعد ثبوتها، والمعصوم من عصمه الله.
التبكير إلى المساجد
أما الأمر الثاني: فالتبكير إلى المساجد؛ فإن المسلم إذا عظم طاعة الله وحرص عليها وأظهر لله من نفسه الشوق إليها والحرص عليها فضله الله وأعلى درجته؛ فإنك إن بكرت إلى الصلاة كنت أعظم الناس فيها أجراً؛ ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: (وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط فذلكم الرباط فذلكم الرباط) فالرباط على الخير أن يبادر الإنسان ويبكر إلى قيام الليل، وهذا من أفضل ما يكون، على أن يكون أول داخل للمسجد وآخر من يخرج من المسجد، وهذه نعمة من الله إن اختار الله العبد لذكره وفرغ قلبه لذكره وجعله من أسبق الناس للخير، فهذه نعمة والله لا يعطي الدين إلا لمن أحب.
قالوا: ومن دلائل حب الله للعبد أنك تجده بخير المنازل في الطاعة، قال صلى الله عليه وسلم: (ولا يزال أقوام يتأخرون حتى يؤخرهم الله) أي: يتأخرون عن الخير وهذا ورد في الصلاة، ولكن العلماء يقولون: وهي قاعدة عامة، فالمستبق إلى الخير والمسارع إلى الخير ليس كغيره، ولكل درجات مما عملوا؛ ولذلك ينبغي المبادرة والتبكير ما أمكن وذلك لما فيه من عظيم الثواب والأجر عند الله سبحانه وتعالى.
الحرص على أداء السنن
ثالثاً: إذا دخل المسلم المسجد فليحرص على أداء السنن والتأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم في الأذكار والهيئات ويبادر إلى الصف الأول، وينبغي التنبيه على عدم تخطي الرقاب وعدم أذية الناس في المسجد بمضايقتهم أو الجلوس بين اثنين على وجه يزعجهم أو يقلقهم أو يشوش عليهم في صلاتهم، فهناك كبير السن وهناك من هو محتاج إلى سعة قليلة في المكان لضعف في بدنه أو آفة في قدمه أو جسده فينبغي الرفق بمثل هؤلاء خاصة إذا بكروا وأتوا إلى المسجد مبكرين فهم أحق بذلك لمكان السبق، فينبغي للمسلم أن يبتعد عن أذية الناس.
الحرص على عدم أذية الناس
رابعاً وهي من علامات القبول والتوفيق: أن العبد يؤدي العبادة فيسلم الناس من شره ويسلم الناس من أذيته، وما الفائدة إذا كان يطيع الله جل جلاله ويؤذي عباده؟! فتكون حسنات طاعته لمن آذاه والعياذ بالله، فلذلك يحرص المسلم على ألا يؤذي المصلين خاصة أهل الصفوف الأول والمبكرين إلى المسجد ونحوهم، هؤلاء يحرص على عدم مضايقتهم وعدم التضييق عليهم ما أمكن.