تسابق الشركات الفرنسية الزمن، لافتكاك مشاريع جديدة في الجزائر، في وقت أبانت الحكومة عن رغبة جامحة في تنويع شركائها الاقتصاديين، والتوجه نحو القارة السمراء، وستكون فرنسا مخيّرة بين منح المنتجات الجزائرية تأشيرة دخول سوقها، أو خسارة حصتها من المشاريع التي تؤكد أرقام رسمية تضاؤلها سنة بعد أخرى، وهي التي تعيش ضائقة مالية، تجبرها التخلي عن "نرجسيتها الاقتصادية" ولو ظرفيا.
وأكد نائب رئيس غرفة التجارة والصناعة الجزائرية، رياض عمور لـ"الشروق"، أن استراتيجية الشراكة مع فرنسا قائمة اليوم على نقل الخبرة والتكنولوجيا، الأمر الذي تركز عليه الحكومة للاستفادة من الإمكانيات الفرنسية والمساهمة في تطوير قطاعات إنتاجية حيوية في الجزائر، على غرار الصناعات الميكانيكية والأدوية والصناعة الغذائية.
وبالمقابل، أوضح المتحدث أن السوق الفرنسية ترفض لحد اليوم استيراد منتجات جزائرية، بحجة أن هذه الأخيرة تفتقد للمعايير التي يشترطها الاتحاد الأوروبي، والتي تعد فرنسا أحد أعضائه، ما جعل المتعاملين الجزائريين يحاولون في المرحلة الأولى، استهداف فئة المهاجرين، باللعب على وتر الحنين إلى كل ما هو جزائري الصنع، مؤكدا أن الهدف سيكون في المرحلة الثانية التصدير للفرنسيين، وذلك لن يتأتى إلا من خلال تحسين النوعية والجودة وتنويع المنتجات الجزائرية، وجعلها تتماشى وخصوصية المجتمع الفرنسي بدرجة خاصة والأوروبيين بالدرجة الأولى.
وعن التحول من السوق الفرنسية إلى أسواق أوروبية، ومتعاملين أفارقة، أكد عمور، أن الجزائر تبحث دائما عن مصلحتها، حيثما وجدت، سواء كانت فرنسا أو أي بلد آخر، مضيفا أن المسعى الرئيسي للحكومة اليوم، رفع الصادرات خارج المحروقات، بالتعاون مع عدد من الدول الإفريقية، ولهذا تمت حسبه مباشرة مشاريع لتسهيل التنقل نحو هذه الدول، برا وجوا، كما أن الأفارقة يعترفون حسبه، بجودة المنتوجات الجزائرية، ويرون أنها أقل تكلفة، الأمر الذي يفتح آفاقا واسعة للمصدرين الجزائريين مستقبلا.
بالمقابل، شدد ممثل "لاكاسي" على أن رفع كوطة المواد الجزائرية المصدرة لفرنسا يتطلب أولا دراسات دقيقة، وشبكات توزيع عصرية، وهو ما لن يتأتى، إلا من خلال بذل المزيد من الجهد، في حين أرجع تأخر مشروع مصنع بيجو، الذي لم توقع اتفاقيته رسميا لحد الساعة، إلى اختلاف على محاور المفاوضات والشروط بين الطرفين، حيث سيتم الفصل فيها خلال الأيام المقبلة.
وغير بعيد عن ذلك، تسعى فرنسا عبر سفارتها في الجزائر، لتعبيد طريق الشراكة الجزائر ـ فرنسا، من خلال الترويج للمتعاملين الفرنسيين وبعث منشورات، تؤكد أن فرنسا لاتزال الشريك الأول للجزائر، وهو ما تضمنه العدد الأخير لمجلة "بيناتنا"، والتي لخصت علاقات التعاون والاتفاقيات المبرمة بين شهري جويلية 2015 وجويلية 2016، عبر 10 صفحات، وأعطت أهمية كبرى لأشغال اللجنة المشتركة رفيعة المستوى المنظمة شهر أفريل الماضي، والتي صاحبها الكثير من الجدل.