الأولى: رسالة شكر وثناء وإجلال وخضوع وحب لله رب العالمين جابر قلوب المنكسرين؛ تأملوا كيف شرع لنا عيد الفطر عند وداع رمضان ولعل من الحكم العظيمة والأسرار البليغة في ذلك الرحمة بالعباد المؤمنين حتى لا تتقطع قلوبهم حزناً وتموت نفوسهم كمداً على فراق رمضان –وحق لهم ذلك – فكان في فرحة العيد ما يؤنس قلوبهم ويشرح صدورهم ويخفّف مصابهم على فراق شهرهم.
الثانية: فهي لشهر رمضان؛ أقول له فيها (ارحل أو لا ترحل ) فليس في رحيلك جديد ولا خبر فريد، فقد تيقّنّا رحيلك قبل إشراقة شمسك، وقد تذكرنا قول الفاروق رضي الله عنه حين قبّل الحجر الأسود فقال: (والله إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله يقبّلك ما قبّلتك).
ونحن يا رمضان نعلم أنك شهر كغيرك من الشهور ولولا أن الله عظمك ونبينا صلى الله عليه وسلم استبشر بك وفضلك ما عظمناك ولا فضلناك.
أتظن يا رمضان أنّه إن غابت شمسك سيغيب الصيام، أو تظن إن رحلت بالتراويح أن يرحل القيام. أتظن أن بطون الفقراء تبقى جائعة حتى تعود، أم تظن أن القرآن يُهجر في غيرك من الشهور؟
قد ظننت بالمسلمين ظن السوء إن كان هذا ظنك!
أما الثالثة: فهي لإخواني المسلمين؛ أقول لهم فيها: قد صح عن نبيك صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله". قالوا: ولا أنت يا رسول الله!؟ قال: "ولا أنا؛ إلاّ أن يتغمّدني الله برحمته".
فالمعول عليه رحمة الله لا أعمالنا؛ فما قدّمناه يسير مهما عظم وقليل مهما كثر؛ ومن علامات القبول الإكثار من الاستغفار خشية التقصير والخوف من رد العمل ولو وقع على أحسن الأحوال.. فقارن عملك مع من تظن أنه أكثر منك اجتهاداً من إخوانك وأصحابك، فإذا رأيت الفرق فقارن عمله بأقل السلف اجتهاداً فسترى البَوْن الشاسع والله المستعان.
تأملوا لو أن فقيراً وقف بباب غني يوماً واحداً يتملّقه ألا ترون أن ذلك مدعاة للغني أن يرحمه؟ فكيف لو كان هذا الغني كريماً؟!
ولله المثل الأعلى فهو الغني الكريم وقد وقف عباده الفقراء إليه شهراً كاملاً؛ فما تظنون؟
اللهم أدخلنا برحمتك في رحمتك، وأغننا بفضلك من فضلك..
وعيدكم مبارك وكل عام وأنتم بخير
كلمات دلالية :
شهر رمضان