رغم تطمينات وزارتيْ التجارة والفلاحة بتوفر السّلع واستقرار الأسعار في رمضان، ورغم دعوات الأئمة للمواطنين بتجنب اللهفة والتبذير تحصيلا لأجر الصيام ومساهمة في خفض الأسعار، ورغم الحملات الفايسبوكية الداعية للاستهلاك المٌتوازن.
لكن اللهفة ضربت عرض الحائط كل هذه المساعي والمٌبادرات، حيث هجم مواطنون في أول يوم رمضاني، على المحلاّت والأسواق والقصّابات والمخابز في ساعات للصباح الباكر مٌتسبّبين في طوابير عريضة في الشوارع، عبر العاصمة مثلما في ولايات أخرى عديدة.
جولة لـ" الشروق" في أوّل يوم رمضاني ببعض أحياء العاصمة، كشف لنا حجم اللّهفة التي تصيب الجزائريين في رمضان، فتجدهم يشترون منتوجات تكفي لنصف رمضان مرة واحدة مٌساهمين بذلك في رفع الأسعار ونٌدرة بعض المنتوجات.
ببلدية جسر قسنطنية شكّل المواطنون ومنذ الصباح الباكر طوابير طويلة للحصول على كيس حليب، ما تسبّب في فوضى أمام محلات بيع المواد الغذائية، فيما أكد لنا بعض أصحاب المحلات أنهم لم يتسلموا حصتهم من الحليب في أول يوم رمضاني، حيث أكّد لهم الموزعون أن الحليب سيصلهم يوما بيوم. أما عائلات أخرى فتهافتت على المخابز لشراء مختلف أنواع الخبز، وحتى الحلويات من قلب اللوز والزلابية شاهدنا مواطنين يحملون علبا منها على العاشرة صباحا !!
توجّهنا بعدها نحو بلدية حسين داي، وهناك شاهدنا نساء يشتكين من ندرة "الديول" وأخريات أكّدن غلاءها عن السنة الماضية، فقالت أحداهن "الدٌّيول نفد من أحد المحلات صباحا قبل يوم من رمضان"، أما أخريات فاقتنينها على الثامنة صباحا في أول يوم من رمضان من السٌّوق بمبلغ تراوح بين 70 و80 دج أي بزيادة بين 10 و20 دج عن السنة المنصرمة.
وجهتنا التالية، كانت سوق الساعات الثلاث بباب الوادي، والذي وجدناه يعج بالحركة بمواطنين فضلوا اقتناء حاجياتهم في الصباح الباكر تجنبا لحرارة الشمس الحارقة.. وهناك خطفت قصابة الرحمة وكعادتها الأضواء.. فأعداد المواطنين من نساء ورجال كانت غفيرة جدا، لدرجة لا تلمح فيه وجوه البائعين، وصاحب القصابة يعرض لحوما محلية ومستوردة طازجة بأسعار تنافسية، فمثلا لحوم الغنمي بأنواعها لا تتعدى 920 دج للكلغ، بيفتاك 900 دج، مرقاز ممتاز 450 دج للكلغ، لحم بالعظام 780 دج، هبرة "صوص" 870 دج، هبرة بيفتاك 950 دج، دوش بقري 680 دج، لسان بقري 600دج، دوارة بقري 200 دج، بوزلوف غنمي 400 دج، دوارة غنمي 400دج، مخ بقري400 دج.. وأكّد مواطنون تحدثنا معهم، أنهم يفضلون شراء اللحوم من قصابة الرحمة المتواجدة في باب الوادي والحراش رغم طوابير المواطنين، لتناسب الأسعار مع قدرتهم الشرائية.
فيما يفضل كثير من المواطنين اقتناء حاجياتهم من اللحوم الحمراء والبيضاء من "مقطع خيرة" بدواودة، فالمنطقة أضحت المكان المفضل لكثير من العائلات الباحثة عن لحم الماعز و"الداند"، لدرجة أن الطريق المؤدية لمدخل مقطع خيرة شٌلت حركة المرور بها تماما منذ الساعة الرابعة مساء يوم الجمعة، بسبب التوافد الكبير للمواطنين من مختلف ولايات الوسط، ما استدعى تدخل رجال الدرك لتنظيم حركة المرور.