صنع ريال مدريد الحدث بتتويجه في دوري أبطال أوروبا أول أمس على حساب ليفربول، وهو التتويج الثالث على التوالي بعد لقبي الموسمين الأخيرين، ويعتبر هذا الإنجاز فريدا من نوعه في النسخة الحالية للمنافسة، حيث لم يتمكن أي فريق من نيل اللقب لمرتين متتاليتين، ناهيك عن ثلاث مرات متتالية حتى وإن تعلق الأمر ببرشلونة الأسطوري تحت قيادة جوزيب غوارديولا بين سنتي 2008 و2012، الأمر يطرح تساؤلا جوهريا حول أفضلية جيل زيدان على جيل غوارديولا أو العكس في آخر عشرية كروية، حيث أن جيل "بيب" صنف حسب الكثيرين على أنه الأفضل في التاريخ أو من بين الأفضل، فهل تجاوزه جيل زيزو بفعل الإنجازات الأوروبية.
بارصا غوارديولا نجح محليا ولم يستثمر قوته قاريا كما يجب
الواضح أن بارصا غوارديولا ترك بصمة حقيقية في عالم كرة القدم العالمية، حيث أن الكثيرين يعتبرونه أحسن فريق طبق كرة القدم في تاريخ اللعبة على مستوى الأندية، ويتنافس في هذا الأمر تحديدا مع أجاكس السبعينات بقيادة ميتشيلز ثم كوفاكس، وميلان نهاية الثمانينات بقيادة أريغو ساكي، وبما أن الألقاب هي من تعكس القوة، فإن برشلونة "بيب" نجح في التربع على عرش القوة محليا وقاريا، بيد أنه لم يستثمر قوته الرهيبة في دوري الأبطال كما يجب، فنال لقبين فقط سنتي 2009 و2011 أمام أفضل منافس في تلك المرحلة مانشستر يونايتد، بينما خرج سنة 2010 من نصف النهائي أمام الإنتير وسنة 2012 من ربع النهائي على يد تشيلسي. أما محليا فتوج بـ 8 ألقاب في ظرف 4 سنوات منها 3 ألقاب في الليغا.
ريال زيدان قهر الجميع أوروبيا ويبحث عنه نفسه محليا
لم يترك ريال مدريد الحالي بقيادة زيدان أثرا كبيرا على مستوى خطة اللعب كما كان عليه الحال بالنسبة لبرشلونة غوارديولا، حتى وإن كان زيزو يعتمد على الواقعية في طريقته، فيدرس المنافسين ويطبق رؤيته للمباريات، وهو ما يشير إلى عبقرية تكتيكية كبيرة، ومن ناحية الألقاب فإن زيدان نجح مع فريقه أوروبيا وقاريا بشكل رهيب، فتوج بـ 3 ألقاب متتالية ضمن منافسة دوري الأبطال، كما نال لقبين في كأس العالم للأندية ولقبين في كأس السوبر الأوروبي، أما محليا فنجح في التتويج بـ ليغا واحدة خلال 3 سنوات بالإضافة إلى كأس واحدة في السوبر الإسباني.
إنجازات الريال أوروبيا أفسدت أحسن عشرية في تاريخ البارصا
بشكل عام، ودون حصر الأمر بين زيدان وغوارديولا، فإن إنجازات ريال مدريد أوروبيا أفسدت أحسن عشرية في تاريخ البارصا وجعلتها عشرية إسبانية مدريدية بالدرجة الأولى وليست كتالونية فقط مثلما كان يبدو عليه الحال قبل 2014، فبرشلونة ظهر بوجه خيالي بداية من موسم 2008-2009 وقدم كرة قدم رائعة جدا تحت قيادة جوزيب غوارديولا الذي استغل القاعدة الجيدة التي تركها الهولنديان فان غال وريكارد قبله، وطور الكرة الشاملة جاعلا إياها أسرع من السابق، ما أنتج لنا مفهوم "التيكي تاكا"، إلا منطق الألقاب كان الغالب ومالت الكفة الأوروبية للنادي الملكي بـ 4 ألقاب في أحسن عشرية كتالونية، مقابل 3 ألقاب لأبناء المقاطعة.
إجمالا...برشلونة بـ 27 لقبا منها 9 قارية والريال بـ 16 لقبا منها 10 قارية
وبغض النظر عن دوري الأبطال والصراع الأوروبي بين الغريمين، فاز برشلونة إجمالا منذ سنة 2009 بـ 27 لقبا منها 9 ألقاب قارية (3 دوري أبطال، 3 موندياليتو و3 سوبر أوروبي)، بجانب 7 ألقاب في الدوري الإسباني، 6 ألقاب في كأس الملك و5 ألقاب في السوبر المحلي، أما الريال فتوج بـ 16 لقبا منها 10 ألقاب قارية (4 دوري أبطال، 3 موندياليتو و3 سوبر أوروبي)، بجانب لقبين في الدوري الإسباني، لقبين في كأس الملك ولقبين في كأس السوبر الإسباني.
فارق بطولات دوري الأبطال عاد مثلما كان قبل 2006
على صعيد مرتبط، تجدر الإشارة إلى أن برشلونة بدأ مسيرته الذهبية بقيادة غوارديولا بهدف الإقتراب أكثر من إنجازات الريال في الدوري المحلي ورابطة الأبطال، وفعلا بدأت الأمور تسير بشكل جيد إلى غاية سنة 2014 التي شهدت تتويج الميرنغي بالعاشرة أوروبيا، وبعد نيل البارصا للقب آخر، عاد الميرنغي ليكسر كل الأرقام ويتوج بثلاث بطولات متتالية، والآن عاد الفارق بين الغريمين إلى ما قبل 2006، حيث كان برشلونة يملك لقبا واحدا فقط، بينما كان الميرنغي يملك 9 ألقاب، وبذلك فإن عمل الجيل الخرافي لـ"البلاوغرانا" لم ينجح في كسر سيطرة الغريم قاريا، بل إن النادي الملكي هو من نجح في كسر طموحات الكتالان مؤكدا أنه الملك الأول للقارة العجوز.
بارصا "بيب" يقارن مع أجاكس السبعينات وميلان ساكي
وإن كان حسم الجدال بالرجوع إلى الألقاب سهلا، فإن طريقة اللعب لن تحدد أفضلية فريق على آخر كونها تحسم عادة بالأذواق، والأذواق في كرة القدم تختلف حتى وإن كان هناك إجماع على أفضلية بعض الفرق على أخرى تاريخيا من ناحية اللعب الجميل، وبشكل أوضح فإن برشلونة غوارديولا يوضع في ميزان مقارنة مع أجاكس السبعينات بقيادة مبتكر الكرة الشاملة رينوس ميتشيلز وخلفه ستيفان كوفاكس، بالإضافة إلى ميلان نهاية الثمانينات بقيادة ساكي الذي ألغى النجوم، وقدم ميلان رهيب بكلاسيكية 4-4-2، إذ صنع لاعبين يلعبون للفريق ويبدعون في حدود تعليماته، فأعاد خطة 4-4-2 للواجهة بعد سنوات الستينات وتطبيقها الرائع مع مانشستر يونايتد بقيادة مات بوسبي، ولكن بأفكار مختلفة تماما، حيث أن خط الدفاع المكون من الرباعي مالديني، تاسوتي، باريزي وكوستاكورتا هو أهم خط في الفريق لدى هذا المدرب العبقري.
"ريال زيدان" أقرب للمقارنة مع بايرن السبعينات وليفربول الثمانينات
من جانبه فإن ريال زيدان أقرب للمقارنة مع فرق تركت بصمتها بالسيطرة والألقاب أكثر من بصمتها على مستوى طريقة اللعب، ويأتي بايرن ميونيخ السبعينات في مقدمة هذه الفرق، حيث توج بثلاث ألقاب متتالية في ذات الأذنين سنوات 1974، 1975 و1976 تحت قيادة المدربين لاتيك ثم كرامر، ولم يتميز العملاق البافاري في هذه الفترة بطريقة سحرية، وإنما بتنظيم محكم وقوة هجومية رهيبة بقيادة الثلاثي هونيس، رومينيغي ومولر بالإضافة إلى تميزه بطريقة إخراج الكرة المميزة وتنظيم اللعب من الخلف عن طريقة بيكنباور، وإضافة إلى هذا الفريق يمكن مقارنة ريال زيدان بليفربول نهاية السعبينات مع بوب بيزلي أو الثمانينات مع جو فاغان، فالأخير استغل ما بناه بيزلي المتوج بلقبي 77 و78، وأعاد هيبة الريدز بلقبي 81 و84 بمفاتيح لعب تمثلت في الثنائي دالغليش وراش بالإضافة إلى نجم الوسط سونيس.
بويول: "يجب علينا إعادة النظر، الريال تفوق على أفضل بارصا في التاريخ"
وبعد نيل النادي الملكي للقب دوري أبطال أوروبا الـ 13 في تاريخه، الثالث على التوالي والرابع في ظرف أربعة سنوات، كان كارليس بويول أسطورة دفاع البارصا لسان حال كل مشجعي هذا الفريق، حيث طلب من مسؤولي فريقه إعادة النظر في واقع النادي وأهدافه لأن الريال توج حسبه بـ 4 ألقاب ضمن دوري الأبطال في آخر 5 سنوات رغم أن هذه الفترة هي الأفضل لـ"البلاوغرانا" تاريخيا، وقال بويول في تغريدة على "تويتر": "تهانينا لمدريد، 4 دوري أبطال في آخر 5 سنوات في ظل وجود أفضل بارصا بالتاريخ، يجب علينا إعادة النظر".
محمد بلقاسم