ومن المعلوم أن التثبت مطلب شرعي لقوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين".
وقد حذر الشارع أشد التحذير من نقل الشخص لكل ما يسمعه؛ فعن حفص بن عاصم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع". رواه مسلم.
وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله حرّم عليكم عقوق الأمهات ووأد البنات ومنع وهات وكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال". رواه البخاري.
ولذلك حرص سلفنا الصالح على التثبت والحذر من الإشاعات..
وقال عمر رضي الله عنه: "إياكم والفتن فإن وقع اللسان فيها مثل وقع السيف".
ولقد سطَّر التاريخ خطر الإِشاعة إذا دبّت في الأمة وإليكم أمثلة من ذلك:
1- لما هاجر الصحابة من مكة إلى الحبشة وكانوا في أمان، أُشيع أن كفار قريش في مكة أسلموا فخرج بعض الصحابة من الحبشة وتكبّدوا عناء الطريق حتى وصلوا إلى مكة، ووجدوا أنّ الخبر غير صحيح، ولاقوا من صناديد قريش التعذيب، وكل ذلك بسبب الإِشاعة.
2- في غزوة أحد لما قتل مصعب بن عمير رضي الله عنه أُشيع أنّه الرسول صلى الله عليه وسلم، وقيل: قُتل رسول الله، فانكفأ جيش الإِسلام بسبب الإِشاعة، فبعضهم هرب إلى المدينة وبعضهم ترك القتال.
3- إشاعة حادثة الإِفك التي اتُّهِمت فيها عائشة البريئة الطاهرة بالفاحشة، وما حصل لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين معه من البلاء، وكل ذلك بسبب الإِشاعة.
وختاماً: نوصي الجميع بالتثبت وعدم التسرّع في نقل الأخبار حتى يتأكد من صحتها، حتى لو كان الخبر ساراً، لأنه إذا تبين خطأ الناقل فستسقط عدالته عند الناس... ويكون عرضة للاستخفاف ممّن له هوى في نفسه.
كلمات دلالية :
الإشاعات