وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا

هذه قاعدة عظيمة القدر عظيمة النّفع عظيمة الأثر، إذ تعالج موضوعًا زلّت فيه أقدام وطاشت فيه أفهام، وزاغت فيه عقول، وضلّت فيه أقوام، وهو موضوع الرّزق من حيث عمومُه لا من حيث الأفراد،

وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا
نشرت : المصدر جريدة الخبر الجزائرية السبت 05 يوليو 2014 15:04

 أيّ من حيث الأمم والجماعات كيف نجد أممًا غنية على كفرها متمتعة بلذائذ الحياة ومتعها، ونجد أممًا فقيرة على إسلامها تعيش شظف العيش وشدته؟ فالله عزّ وجلّ يقول: {كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا} الإسراء:20، وهذا مظهر من مظاهر ربوبيته سبحانه، فهو ربّ الخلق جميعًا كافرهم ومؤمنهم؛ لذا فهو رازقهم جميعًا لا رازق معه، ومظهر من مظاهر رحمته أيضًا الّتي لم يخرج عن ظلّها مخلوق حتّى من كفر وعتا {ورَحْمَتِي وَسِعَت كلَّ شيء}، فالله تعالى لم يترك خلقه من أثر رحمته حتّى الكفرة منهم الّذين لا يؤمنون بلقائه فقد أعطاهم من نعمة الدّنيا على حسب ما قدّر لهم وأعطى المؤمنين خيري الدّنيا والآخرة. ولَمّا نقرأ هذه القاعدة في سِياقها مع سِباقها ولِحاقها يزداد معناها بيانًا وحكمتها ظهورًا: {مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاها مَذْمُومًا مَدْحُورًا * وَمَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ وَسَعى لَها سَعْيَها وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ كانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا * كُلاًّ نُمِدُّ هؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطاءِ رَبِّكَ وَما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا * انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً}. فالله سبحانه يُبيّن أنّ التنعّم في الدّنيا وسعة الرّزق لا ينبغي أن يستدل به على رضا الله تعالى؛ لأنّ الرّزق لم يشترط له الله سبحانه بالعَمل الصّالح بل ناطه باتّخاذ أسباب يتنافس النّاس في تحصيلها ويتباينون في تحقيقها، وهي لا تحابي مؤمنًا ولا تعادي كافرًا؛ ولأنّ مُتع الدّنيا كذلك قد تحصل للكافر على أوفر حال مع أنّ عاقبتها هي المصير إلى عذاب الله وسخطه، وليس هذا لكلّ كافر؛ لأنّ قوله تعالى: {لِمَن نُّرِيدُ} يدلّ على أنّه لا يحصل الفوز بالدّنيا لكلّ أحد بل كثير من الكفّار والضّلال يعرضون عن الدّين في طلب الدّنيا ثمّ يبقون محرومين عن الدّنيا وعن الدّين، وهذا أيضًا فيه زجر عظيم لهؤلاء الكفّار الضّلال الّذين يتركون الدّين لطلب الدّنيا فيخسرون الخسران المبين. وهذا التّفاضل الظّاهري المحسوس في الرّزق في الدّنيا، حيث يبسط لمؤمن ويقبض عن مؤمن آخر، ويبسط لكافر ويقبض عن كافر آخر تفاضل في درجات منافع الدّنيا الفانية المؤقّتة، ولكن تفاضلهم في درجات منافع الآخرة أكبر وأعظم، فإنّ نسبة التّفاضل في درجات الآخرة إلى التّفاضل في درجات الدّنيا كنسبة الآخرة إلى الدّنيا. والمراد أنّ الآخرة أعظم وأشرف من الدّنيا بلا ريب، وأنّ المؤمنين يدخلون الجنّة والكافرين يدخلون النّار؛ فيظهر فضل المؤمنين على الكافرين الفضل الحقيقي لا الوهمي. 

كلمات دلالية : وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا

آخر الأخبار


تابعوا الهداف على مواقع التواصل الاجتماعي‎

الملفات

القائمة
12:00 | 2021-08-01 أديبايور... نجم دفعته عائلته للانتحار بسبب الأموال

اسمه الكامل، شيي إيمانويل أديبايور، ولد النجم الطوغولي في 26 فيفري عام 1984 في لومي عاصمة التوغو، النجم الأسمراني وأحد أفضل اللاعبين الأفارقة بدأ مسيرته الكروية مع نادي ميتز الفرنسي عام 2001 ...

07:57 | 2020-11-24 إنفانتينو... رجل القانون الذي يتسيد عرش "الفيفا"

يأتي الاعتقاد وللوهلة الأولى عند الحديث عن السيرة الذاتية لنجم كرة القدم حياته كلاعب كرة قدم فقط...

23:17 | 2019-09-13 يورغن كلوب... حلم بأن يكون طبيبا فوجد نفسه في عالم التدريب

نجح يورغن كلوب المدرب الحالي لـ ليفربول في شق طريقه نحو منصة أفضل المدربين في العالم بفضل العمل الكبير الذي قام مع بوروسيا دورتموند الذي قاده للتتويج بلقب البوندسليغا والتأهل إلى نهائي دوري أبطال أوروبا، وهو ما أوصله لتدريب فريقه بحجم "الريدز"...

خلفيات وبوستارات

القائمة

الأرشيف PDF

النوع
  • طبعة الشرق
  • طبعة الوسط
  • طبعة الغرب
  • الطبعة الفرنسية
  • الطبعة الدولية
السنة
  • 2021
  • 2020
  • 2019
  • 2018
  • 2017
  • 2016
  • 2015
  • 2014
  • 2013
  • 2012
  • 2011
  • 2010
  • 2006
  • 2003
  • 0
الشهر
اليوم
إرسال