فوبيا الطائرات تلاحق المسافرين الجزائريين

صار السفر على متن طائرات الخطوط الجوية الجزائرية، وحتى طائرات أخرى، بعد الحوادث المتكررة واللعنة التي ظلت ترافقها مؤخرا، مغامرة كبيرة يخشى العديد من المسافرين أن تنتهي بهم تحت الأنقاض، ليعتبر مسافرو الخطوط الداخلية الطريق السريع "الأتوروت" ومشقته تحت الحرارة أرحم بكثير من المصير المجهول الذي يتربص بهم، فيما وجد مستعملو الخطوط الدولية بدائل سريعة.

تباينت آراء المواطنين ومستعملي الخطوط الجوية الجزائرية حول الكوارث المتعاقبة التي حلت بها، ففي الوقت الذي وجد فيه البعض منهم السفر على الخطوط الجوية الجزائرية رحلة محفوفة بالمخاطر ومجهولة العواقب، اختار مواطنون آخرون أن يظلوا أوفياء لها برغم كل الظروف، حسب ما وقفت عليه "الشروق" بمطار هواري بومدين بالعاصمة. 

وهو حال سامعي محمد، 66 سنة، التقيناه بمطار هواري بومدين، قادما إلى العاصمة من ولاية عنابة، أكد لنا ثقته الكاملة في الجوية الجزائرية، واصفا أجواء الرحلة بأنها تمت في ظروف عادية جدا ولم يشعر بأي خوف أو قلق، فالأعمار بيد الله، مضيفا أنه اعتاد طوال سنوات عمره على السفر في الخطوط الجوية الجزائرية ويرفض تغييرها. ويشاطره الرأي شاب كان برفقته على نفس الرحلة، اعترف بشعوره بالخوف قبل الإقلاع، غير أنه تلاشى، خاصة وأن ظروف الرحلة كانت عادية وقد حظوا بخدمات جيدة واستقبال رائع. 

وعلى عكس محدثينا السابقين، فقد قصّ لنا أحد الشباب والذي كان يرافق شقيقته المسافرة إلى ولاية غرداية حالة الذعر التي انتابتها بعد الحوادث المتعاقبة التي سجلتها الخطوط الجوية الجزائرية، فقد رفضت انتظار الطائرة وطلبت من شقيقها إيصالها بالسيارة، لكنه طلب منها الانتظار لكونها مريضة ولا تتحمل مشقة السفر، أما فيما يخصه هو فقد رفض فكرة السفر عبر الجوية الجزائرية، موضحا أنه في الرحلات الداخلية يفضل السفر عبر سيارته أو الحافلة بدلا من مغامرة الموت، ففي كل مرة يسمع فيها عن حادثة سقوط طائرة يزداد إصراره على مقاطعة جميع الطائرات، أما الرحلات الخارجية فتظل الباخرة بالنسبة إليه أرحم. 

بينما حدثتنا مغتربة مقيمة في برلين بألمانيا بأنها تفضل الخطوط الفرنسية حتى قبل الحوادث الأخيرة، لأنها أأمن لها وخدماتها راقية، أما فيما يخص الرحلات الداخلية فتختار خطوطا أخرى.

وما لمسناه خلال جولتنا هو انتشار الخوف بشكل خاص لدى الجنس اللطيف حتى أن إحداهن ذكرت أنها كانت ترغب في القدوم إلى العاصمة على متن الحافلة، غير أن ظروفها الصحية حالت دون ذلك، لذا ظلت تقرأ القرآن الكريم طوال الرحلة، وبمجرد أن حطت الطائرة في مطار هواري بومدين حتى أطلقت زغرودة، بينما تنفس بقية المسافرين الصعداء وصفقوا مطولا لوصولهم سالمين.