فعندما منّ الله علينا بهذه النعمة، عرف الإنسان بالعموم والمؤمن بشكل أخص بأن الله سبحانه وتعالى لم يتركنا في هذه الدنيا، بل هو معنا في كل لحظة من حياتنا، يراقبنا خلال أعمالنا الصالحة والسيئة منها، ويقول لمن أشقى نفسه بالذنوب باب التوبة مفتوحٌ لي، باب المغفرة لم يغلقْ بعد ، أقبلْ يا عبدي واستغفرْ .. وستُفتحْ لكَ صفحةٌ جديدةٌ في حياتك خاليةً من الذنوب.
(أستغفر الله العظيم و أتوب إليه) كلماتٌ بسيطةٌ تستطيع أن تغير حالك من حالٍ إلى أفضلِ حال ، فالله كتب على نفسه المغفرة والرحمة أيضا، فهو سبحانه لا يغفر لنا الذنب فقط ، يل يشملنا برحمته و كرمه و عطفه، فيكفر عن ذنوبنا و يرزقنا راحة البال و الطمأنينة لوجوده تعالى معنا، و يرزقنا من كرمه و رزقه الواسع الذي لا ينضب ، في المال و الصحة و الوقت.
كما وقد ثبت أن حركة الاستغفار التي يقوم بها لسان المرء ما هي إلا حركة بسيطة لا تُكلف مجهوداً ، بينما في الواقع لها تأثير فعّال في تعديل المزاج و تنظيف الدماغ من كل تلك الأفكار السلبية التي تسيطر أحيانا على الشخص ، فيتجدد الجسد بالأكسجين ، فسبحان الله ما أوسع رحمته.
فمن يرد أن يديم الله تعالى عليه سعادته في الدارين ، فليكثر من الاستغفار الذي هو باب السعادة في الدنيا و الذي بدوره سيوصلنا إلى باب السعادة في الآخرة وهو الجنة ، فمن كان في ضائقةٍ مالية فليستغفر، من كان مريضاَ فليستغفر ، من كان في بلاءٍ فليستغفر، ومن استصعب عليه أمرٌ في الدنيا فليكثر من الاستغفار؛ وإن كان الله قد منَّ عليه بالصحة والرزق والخير فليستغفر أيضاً حتى يديم الله عليه نعمه هذه.
الاستغفار هو حال المؤمن، في نهاره و ليله، فيجعلها عادته اليومية، يرطب بها لسانه بذكر الله عز و جل، ويبقى على علاقة وطيدة بالله دوما، و تجعل صحيفته بإذن الله خالية من الذنوب باستغفاره الدائم.
و لأهمية الاستغفار في حياة المؤمن ، يقول الله تعالى عن طريق وحيه للرسول محمد صلى الله عليه و سلم ، بأننا لو لم نذب فلم نستغفر الله ، لأذهبنا الله و آتى بقومٍ أخرين يذنبوا فيتوبوا فيستغفروا الله فيغفر لهم ، و هذا يحمل معانٍ جميلة بأن الله حتى لو أذنب العبد يبقى يحبه رغم ذلك ، بل و ييسر له أن يتوب و يلقي في قلبه الندم و الرغبة في الاستغفار، فيستغفر العبد لربه فيغفر الله ذنبه و يشرح صدره و يخرجه من وحل الذنب إلى نور المغفرة و التوبة.